ما هو النظام النقدي:
النظام النقدي مثله مثل أي نظام إقتصادي آخر، فهو مجموعة من العلاقات والتنظيمات المميزة للحياة النقدية في مجتمع ما خلال فترة زمنية معينة ومكان محدد، ولكل مجتمع نظام نقدي خاص به، وهذا النظام يعكس التطورات الإقتصادية والإجتماعية فيه، وفي مايلي سنذكر أهم الأنظمة النقدية.
ما المقصود بالنظام النقدي؟
النظام النقدي هو النظام الذي يتم من خلاله تنظيم وتداول الأموال داخل إقتصاد معين، حيث يشتمل على مجموعة من السياسات والقوانين التي تحدد كيفية إصدار النقود، كيفية تحديد قيمتها، وكيفية إستخدامها في التبادلات التجارية؛ وللنظام النقدي 3 دعائم أساسية هي: (النقود) بمختلف أنواعها والمستخدمة في التبادل، (المؤسسات النقدية) والتي لها خاصية إصدار النقود وخلقها وتشمل البنك المركزي والبنوك التجارية، وأخيرا (القواعد والتشريعات المنظمة لأداء النقود لوظائفها المختلفة بكل كفاءة وفعالية).
ما هي خصائص النظام النقدي؟
أي نظام نقدي معاصر يتمتع بثلاث خصائص أساسية هي:
1. النظام النقدي هو نظام إجماعي: فالنظم النقدية لم تخلق لذاتها، وإنما هي أدوات إقتصادية تتخذ لتسهيل إنتاج وتبادل المنتجات، وهي تعكس بالضرورة الإقتصاد الذي وجدت لخدمته، بل هي لا تسير إلا وفقا له، فالنظام النقدي في الإقتصاد الرأسمالي يختلف عنه في الإقتصاد الإشتراكي والإسلامي، فلا يمكن أن نتصور أن النقود أو المؤسسات أو العلاقات النقدية في إقتصاد إسلامي تتماثل مع النظم الأخرى؛ إذن الروابط النقدية هي أساسا روابط إجتماعية، فكل إقتصاد يناسبه نظام نقدي ومصرفي معين.
2. النظام النقدي هو نظام تاريخي: أي أنه يتطور ويتغير مع تطور وتغير النظام الإقتصادي والإجتماعي، بمعنى أن النظام النقدي لا يتخذ وضعا ساكنا، بل يولد من خلال الظروف الإجتماعية والإقتصادية السائدة في فترة معينة، ويتطور بتطور تلك الظروف، وهذا هو الجانب الحركي الديناميكي من النظام النقدي.
3. النظام النقدي هو نظام مركب: بمعنى أنه يتكون من مجموعة من العناصر يوجد من بينها عنصر أساسي والبقية تعتبر عناصر ثانوية تابعة له؛ والعنصر الأساسي في النظام النقدي هو "القاعدة النقدية" أو "قاعدة القيم".
ويقصد بالقاعدة النقدية المقياس الذي يتخذه المجتمع أساسا لحساب القيم الإقتصادية أو لمقارنة بعضها ببعض، والغرض منها المحافظة على القيمة الإقتصادية للنقود أي قوتها الشرائية في النطاقي الداخلي والخارجي، وأي تقلبات في القاعدة النقدية تؤثر في القوة الشرائية للنقود.
أما العناصر الثانوية هي نقود القاعدة النقدية ذاتها، أي وحدة النقود المستخدمة في الحسابات النقدية بشرط: القانونية، النهائية، لا يمكن تحويلها لنوع آخر.
أنواع الأنظمة أو القواعد النقدية:
توجد هناك 3 قواعد أساسية هي النظام النقدي السلعي، قاعدة المعدن الواحد "الذهب والفضة" أو (النظام النقدي المعدني)، وأخيرا قاعدة النقود الورقية ونقود الودائع (النظام النقد الورقي الإلزامي).
1. النظام النقدي السلعي:
يعرف النظام النقدي السلعي بأنه: "إعطاء صفة القبول العام لسلعة ما وبشروط محددة من أجل القيام بوظائف النقود"، من هذه الشروط: إعطاء صيغة القبول العام لسلعة ما، وأيضا ضرورة تساوي العرض والطلب على الإستخدام النقدي والإستخدام الإستهلاكي، وأخيرا المرونة النسبية للسلعة حيت يتحقق الإشباع السلعي والإستخدام النقدي دون حدوث أي إشكال.
هذا وقد كان للنظام النقدي السلعي عدة صعوبات ساهمت في إنهياره منها: صعوبة التجزئة عند مبادلة سلع كبيرة بأخرى صغيرة فتصبح العملية غير عادلة، صعوبة حفظ القيمة لبعض السلع، تعدد السلع المستخدمة كنقود نتيجة ظهور سلع جديدة حسب التخصص، ظهور سلع أكثر كفاءة في القيام بوظائف النقود مثل المعادن التي تحافظ على قيمتها ويمكن تجزئتها.
2. النظام النقدي المعدني:
النظام النقدي المعدني هو عبارة عن: "نظام نقدي ترتبط بمقتضاه القمة الإقتصادية للوحدة النقدية بالقيمة الإقتصادية لمعدن يتخذه المجتمع مقياسا للقيمة الإقتصادية فيه"، ونميز فيه:
1. نظام المعدن الواحد (قاعدة الذهب أو الفضة):
يكون وفق هذا النظام أساس وحدة النقد الوطنية الذهب أو الفضة، بمعنى أن نظام الذهب ترتبط بمقتضاه القيمة الإقتصادية للوحدة النقدية بالقيمة الإقتصادية للذهب، ونظام الفضة ترتبط بمقتضاه القيمة الإقتصادية للوحدة النقدية بالقيمة الإقتصادية للفضة، إذن هذا النظام سيتمد إسمه من نوع المعدن الذي تسك فيه القطع المعدنية.
تجدر الإشارة إلى إنه في البداية إستخدم النظام النقدي قاعدة الفضة، ثم تغير إلى قاعدة الذهب أواخر القرن الثامن عشر، حيث أصبح نظام المعدن الواحد يرتكز أساسا حول قاعدة الذهب؛ وقد عرف العالم ثلاث صور لنظام الذهب:
أولا: نظام المسكوكات الذهبية: وفقا لهذا النظام تم إستخدام الذهب كعملة في التداول وهو بذلك أقدم النظم النقدية، ويعرف هذا النظام بأنه عبارة عن وحدات ذهبية صغيرة الحجم ومتجانسة الوزن والعيار، ومن شروط هذا النظام:
- تحديد قيمة ثابتة لوحدة النقد بوزن معين من الذهب الخالص.
- إمكانية تحويل المسكوكات الذهبية لسبائك ذهبية دون قيود أو تكاليف، أي حرية السبك والصهر.
- إمكانية تحويل النقود الورقية والكتابية إلى ما يعادلها ذهبا في شكل مسكوكات وسبائك دون قيود وتكاليف.
- حرية تجارة الذهب دوليا دون قيود.
تجدر الإشارة إلى أن إنجلترا أول دولة طبقت هذا النظام، ثم تبعتها بقية دول العالم، فظل معمولا به حتى 1994 بسبب ظاهرة إكتناز المعدن الثمين التي عمت أوروبا.
ثانيا: نظام السبائك الذهبية: هذا النظام يعني أن الأوراق النقدية لم تعد قابلة للتحول إلى ما يساويها في إطار مسكوكات ذهبية، ويسمح فقط بتحويلها إلى سبائك ذهبية معادلة لقيمة الورقة، لا تقل وزن السبيكة منها عن قدر معي يحدده القانون.
نشير إلى أن العالم تخلى عن نظام المسكوكات إثر نشوء الحرب العالمية الأولى بسبب زيادة النفقات المرتبطة بها وحاجة الدول للنقود الذهبية ومحدودية عرض هذه الأخيرة؛ كل هذا جعلهم يسحبون المسكوكات من التداول وإصدار نقود ورقية إلزامية وعدم قبول تحويل الأوراق النقدية للذهب خوفا من إكتنازه قصد المضاربة، وهذا حتى لا يستنزف إحتياطي الذهب المتاح للدولة.
وألزم البنك المركزي فقط الإحتفاظ في خزائنه بكميات من الذهب على شكل سبائك كغطاء للنقود الورقية المصدرة أو نسبة منها؛ هذا النظام قائم على فكرة وضع قيود التحويل إلى ذهب بسبب: الضرورة الإقتصادية، إختلال التوازنات بسبب الحرب وتنامي رغبة الأفراد في إكتناز الذهب؛ لكن قد يجوز للأفراد والمؤسسات إستثناءا التقدم إلى مؤسسة الإصدار لتحويل النقود الورقية إلى سبائك ذهبية في المعاملات الضخمة الاستثنائية.
ثالثا: نظام الصرف بالذهب: هو أخر صورة لقاعدة الذهب، ويعني ربط العملة الوطنية غير القابلة للتحويل إلى ذهب، بعملة أجنبية يمكن تحويلها إلى ذهب، أي صرف غير مباشر للعملة الوطنية بالذهب، وهذه العملات هي: الدولار الأمريكي، الجنيه الإسترليني؛من شروط هذا النظام ما يلي:
- تحديد سعر صرف ثابت للعملة الوطنية بالنسبة للعملة الأجنبية التي تقبل الصرف بالذهب.
- يجب أن يكون للنقود الوطنية غطاء من العملات القابلة للصرف إلى ذهب.
- إلزام الحكومة بتحويل عملتها إلى عملة أجنبية قابلة للصرف إلى ذهب.
إذن ولد هذا النظام نتيجة علاقة تجارية قامت بين دول كبيرة وأخرى صغيرة، حيث مكنت الأخيرة من التمتع بمميزات الذهب دون الإحتفاظ بإحتياطي من الذهب، ولازم هذا النظام العيوب بعض العيوب كالتضرر من الإنعكاسات السلبية التي تطرأ على إقتصاديات الدول الكبرى، وكذلك إمكانية التأثير على الإستقلال السياسي والإقتصادي للدول التابعة.
2. نظام المعدني "الذهب والفضة معا":
هو عبارة عن نظام نقدي مزدوج، ترتبط بمقتضاه قيمة النقود بعلاقة ثابتة مع قيمة الذهب وقيمة الفضة في نفس الوقت؛ ولجأت الدول إلى هذا النظام لتفادي أي نقص في عملتها، فإذا قلت العملة الذهبية لديها عوضتها بالعملة الفضية، كما أن هذا النظام كان ضروري في مرحلة الإنتقال من قاعدة المعدن الواحد الفضي إلى قاعدة المعدن الواحد الذهبي؛ من شروطه:
- ثبات محتوى العملة الوطنية من المعدني؟ ثابت معدل الذهب والفضة)، مثلا عام 1934 حددت الو.م.أ القيمة القانونية للذهب 16 ضعفا عن قيمة الفضة.
- حرية صهر المسكوكات وتحويلها إلى سبائك حتى لا تكون القيمة التبادلية أكبر من القيمة الإستعمالية.
- حرية التجارة الخارجية للمعدنين يتطلب استمرار تعادل القيمة التبادلية المحددة قانونا مع القيمة الإستعمالية الموجودة حسب قانون العرض والطلب في السوق.
لنفرض أن عرض الفضة إرتفع فإنخفضت قيمتها مع ثبات الطلب عليها، فتصبح مثلا 01 أوقية من الذهب تعادل 20 أوقية من الفضة، وهنا تكون القيمة التبادلية قانونيا هي 16 أوقية في هذه الحالة يتم بيع السبائك الذهبية بسعر السوق المرتفع في نزول النقد الجيد "الذهب".
3. قاعدة النقود الورقية الإلزامية:
- خطر الفوضى في المعاملات المالية مما يؤدي إلى عدم الإستقرار النقدي.
- خطر الإفراط في الإصدار النقدي وهذا يؤثر على قيمة العملة.