شروط صحة التراضي في البيع:
1. أهلية التعاقد في عقد البيع:
الأهلية هي وجوب وصلاحية الشخص لإكتساب الحقوق وتحمل الإلتزامات، وإما أن تكون أهلية أداء وهي قدرة الشخص في التصرف بأمواله؛ وهو ما نقصده في هذا المقام، وهذه الأهلية لا تثبت لكل شخص مهما بلغ من العمر كما هو الحال بالنسبة لأهلية الوجوب، وإنما تشترط التمييز وهي تختلف من شخص لآخر، إذ يعتبر من بلغ سن 19 سنة كامل الأهلية بالنسبة للقانون المدني الجزائري، كما يشترط أن تكون خالية من العوارض (الجنون والعته والسفه والغفلة) ففي هذه الحالة تكون الأهلية إما معدومة أو ناقصة.
1. تمييزها عما يلتبس بها من نظم قانونية:
- الأهلية والولاية على المال: الولاية على المال تعني صلاحية الشخص للتصرف في مال غيره، كصلاحية الولي أو الوصي أو المقدم (القيم) في التصرف في أموال القصر أو المحجور عليهم، بينما تعني صلاحية الشخص بالنسبة لأمواله ونفسه.
- الأهلية وعدم قابلية المال للتصرف: قد يوقف بعض الأشخاص أموالهم لمصلحة أحد الجمعيات الخيرية، وبالتالي لا يستطيع التصرف في هذه الأموال، لكن عدم قابلية المال للتصرف في هذه الحالة لا ترجع إلى نقص أو إنعدام في الأهلية وإنما يرجع إلى عدم قابلية هذه الأموال للتصرف بأي وجه من الأوجه.
- الأهلية والمنع من التصرف: قد يمنع القانون بعض الأشخاص من التصرف في أموالهم كالنائب الذي لا يجوز له أن يتعاقد مع نفسه ما لم يحصل على ترخيص من الأصيل أو يقر الأصيل هذا العمل من النائب وذلك لمصلحة الأصيل، فهؤلاء الأشخاص لا يستطيعون التصرف ليس لأنهم عديمي الأهلية وإنما محظور عليهم التصرف بنص، وذلك حماية للأهداف والمصالح، أما الشخص الذي فقد أهليته فأساس الحظر بالتصرف راجع إلى إنعدام أهليته أو نقصانها.
2. الأهلية المطلوبة في عقد البيع: تنص المادة 40 من القانون المدني الجزائري: "كل شخص بلغ سن الرشد، متمتعا بقواه العقلبة، ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية، وسن الرشد 19 سنة كاملة"؛ وبالتالي فأهلية التصرف المطلوبة في عقد البيع هي 19 سنة كاملة سواء بالنسبة للبائع أو المشتري.
ولما كان البيع من التصرفات الدائرة بين النفع والضرر، فإنه يجوز للشخص الذي لم يبلغ من العمر ما بين 13 سنة و19 سنة، أن يمارس عقد البيع وإنما في هذه الحالة يكون قابلا للإبطال، إلا في حالة إجازة العقد من القاصر بعد بلوغ سن الرشد أو من الوصي أو الولي أو من المحكمة.
كما أجازت المادة 84 من قانون الأسرة أن: "للقاضي أن يأذن لمن يبلغ سن التمييز في التصرف جزئيا أو كليا في أمواله بناءل على طلب من له مصلحة وله الرجوع في الإذن إذا ثبت لديه ما ببرر ذلك"؛ فإذا أذن للميز التصرف من قبل القاضي بالتصرف الجزئي أو الكلي لأمواله، فإنه في حدود هذا الإذن يعتبر كامل الأهلية وبالتالي تعتبر تصرفاته صحيحة كما لو صدرت من شخص بلغ سن الرشد.
والفقرة 02 من المادة 38 من القانون المدني الجزائري التي تجيز لناقص الأهلية (من13 الى 19سنة) مباشرة الأعمال التي يعتبره القانون أهلا لمباشرتها. كالأعمال التجارية وفي هذه الحالة تعتبر تصرفاته صحيحة.
2. سلامة الرضا من العيوب:
سنتعرض إلى كل من عيوب الرضا ثم سقوط حق المشتري في خيار الرؤية وأخيرا إلى إرتباط خيار الرؤية بنظرية الغلط.
1. عيوب الرضا: عيوب الرضا في عقد البيع هي نفس عيوبه في أي عقد آخر، فيعيب إرادة أي من البائع والمشتري كان تكون مشوبة بغلط أو تدليس أو إكراه أو إستغلال، فإذا شأب الإرادة عيب من هذه العيوب كان البيع قابلا للإبطال لمصلحة من شاب إرادته العيب.
فبالنسبة للتدليس حسب نص المادة 86 من قانون المدني الجزائري، والإكراه حسب نص المادة 88 التي نصت على إبطال العقد في هذه الحالة، أما الغلط في عقد البيع يتصل بحق العلم بالمبيع، وهو ما يعرف "بخيار الرؤية"، وهو معروف في الفقه الإسلامي أما عيب الإستغلال فهو متعلق بالغبن في الثمن.
2. سقوط حق المشتري في خيار الرؤية: نصت المادة 352 من القانون المدني الجزائري: "يجب أن يكون المشتري عالما بالمبيع علما كافيا ويعتبر كافيا إذا إشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بحيث يمكن التعرف عليه، وإذا ذكر في عقد البيع إن المشتري عالم بالمبيع سقط حق هذا الأخير في طلب إبطال البيع بدعوى عدم العلم به إلا إذا ثبت غش البائع".
ويتبين لنا من هذه المادة أن القانون أجاز للمشتري إذا إشترى شيئا ولو يره أن يرده وذلك عن طريق طلب إبطال العقد وإما أن يبقى عليه، وهذا الحق ثابت للمشتري بنص القانون، وبالتالي فإن هذا الحق يثبت حتى ولو لم يشترطه المشتري في شروط العقد، ويترتب على ذلك أن علم المشتري بالمبيع علما كافيا يؤدي إلى إسقاط حقه في إبطال العقد الثابت له بمقتضى المادة 352 من القانون المدني.
وبالتالي فأسباب سقوط حق المشتري في خيار الرؤية هي: أن يذكر في العقد أن المشتري على علم بالمبيع (رؤيته للعين المبيعة ورضائه بها)؛ كما يسقط حق المشتري في خيار الرؤية وبالتالي طلبة في إبطال العقد بالتقادم (المادة 102)؛ يسقط حق المشتري بالتنازل عن دعوى الإبطال (تصرف المشتري في المبيع أو الهبة أو الإيجار).
تصرف المشتري في المبيع.3. إرتباط خيار الرؤية بفكرة الغلط: العقد عند قيام خيار الرؤية غير لازم للمشتري فلهذا الأخير الرجوع عنه وفسخه بعد الرؤية بل وقبلها، وعدم لزوم العقد من جهة المشتري يقوم في أساسه على فكرة الغلط؛ إذا يفترض أن المشتري لم بجد المبيع على الحال التي لا يصلح معها للغلط المقصود.
فأساس خيار الرؤية هو غلط المشتري في شيء لم تسبق له رؤيته، لكن هذا الغلط يختلف عن الغلط الذي يعتبر غلطا في الإرادة، ووجه الإختلاف بينهما هو أن الأول مفترض ويكفي للمشتري أن يدعي أنه لم يرى الشيء، ولم يعلم به قبل إبرام العقد (إلا ان هذه القرينة التي اقرتها المادة 352 ضعيفة اي يجوز للبائع إثبلت عكس ما إدعى المشتري.
أي نه بالرغم من أن المشتري لم تذكر له كل الأوصاف الأساسية لمبيع إلا أنه لم يقع في غلط بل كان المبيع في الصورة التي ارادها المشتري)، بينما الغلط الذي يعتبر عيبا في الإرادة فهو لا يفترض وإنما على المشتري أن يقيم الدليل على وقوعه بالغلط وإنه لولا هذا الغلط لما تعاقد بالشروط التي قبلها نتيجة لوقوعه بالغلط إضافة إلى أن الغلط كعبء لإرادة يجب أن يكون فيه صفة جوهرية للشيء محل العقد أو أن يكون في ذات المتعاقد أو في صفة من صفاته.