الأزمات في المؤسسة:
1. تعريف الأزمة:
تعبر الأزمة عن موقف وحالة يواجهها متخذ القرار في أحد الكيانات الإدارية وتتلاحق فيها الأحداث، وتتشابك فيها الأسباب مع النتائج، ويفقد معها متخذ القرار قدرته على السيطرة عليها، أو على إتجاهاتها المستقبلية.
كما تعبر عن تهديد مباشر لبقاء النظام الذي يواجه مصيره بالفناء أو الإنهيار ذلك بسبب الكارثة التي قد تؤدي إلى إنهيار مقدماته وأسباب وجوده، فحريق شركة بالكامل قد ينهي حياتها من الوجود وإنفجار مجموعة أنابيب شركة بترول يهدد بقاءها، والحرب الأهلية في إحدى الدول قد تنهي الحكم فيها وتنقله إلى حكم آخر.
مما سبق نستخلص أن الأزمة تتمثل في مرحلة حرجة تواجهها المنظمات فينتج عنها خلل أو توقف بعض الوظائف الحيوية لهذه المنظمات ويصاحبها تطور سريع في الأحداث ينجم عنه عدم إستقرار في النظام الأساسي لها ويدفع سلطة إتخاذ القرار فيها إلى ضرورة التدخل السريع لنجدتها وإعادة التوازن لهذا النظام.
2. أسباب حدوث الأزمة في المؤسسة:
- سوء الفهم: وهو يشير إلى خطأ في إستقبال وفهم المعلومات المتاحة عن الأزمة ويرجع ذلك إلى قلة المعلومات وإشارات الإنذار عن الأزمة، عدم القدرة على جمع المعلومات وربطها بالأزمة، ...إلخ.
- سوء التقدير: ويعني أن المعلومات تعطى لها قيمة وتقدير ومعنى مخالف للحقيقة، ومن أسباب سوء التقدير (الشك في قيمة المعلومات والثقة الزائدة في النفس، الإستهانة بالأزمة والمعلومات المرتبطة بها).
- سوء الإدارة: حينما يتدهور النظام الإداري فعليك أن تتوقع توالي الكوارث والأزمات، ومن أسباب سوء الإدارة (عدم وجود نظام للتخطيط و الرقابة، الإستبداد الإداري والصراعات على المراكز).
- تعارض المصالح والأهداف: حينما تختلف وجهات النظر أو تختلف المصالح والأهداف ينشأ صراع بين الأفراد أو بين المديرين أو بين الأقسام، الأمر الذي قد يؤدي إلى كوارث وأزمات، ومن أسباب تعارض المصالح والأهداف (إختلاف الخلفيات التنظيمية، والثقافية في النوع، الجنسية والدخل، عدم وجود آلية ونظام لفض النزاعات).
- الأخطاء البشرية: تعني أخطاء لإنعدام قدرة أو رغبة أطراف الأزمة على التعامل مع حقائقها، وترجع الأخطاء البشرية للأسباب التالية: تدهور الدافعية والمعنويات، عدم التركيز في العمل والإهمال وقلة الخبرة.
- الإشاعات: وهي عبارة عن إستخدام المعلومات الكاذبة والمضللة وإعلانها في توقيت ومناخ معين يؤدي إلى الأزمة، ومن الأسباب التي تؤدي إلى الإشاعات وجود تخبط لدى المسؤولين، ووجود توتر جماهيري.
- اليأس: هو فقدان الأمل في حل المشاكل والكوارث، أو هو الإحباط وعدم الرغبة لدى متخذ القرار في مواجهة المشاكل، ويرجع ذلك لإنخفاض الدخل والراتب، القمع الإداري والشعور بالظلم...إلخ.
- الرغبة في الإبتزاز: هو تعريض متخذ القرار لضغوط نفسية ومادية وشخصية وإستغلال التصرفات الخاطئة التي قام بها لإجباره على المزيد من التصرفات الأكثر ضررا، ويصبح ذلك مرة أخرى مصدرا للإبتزاز والإجبار؛ ومن أسباب إبتزاز بعض الناس للآخرين هو تعارض المصالح وإستسلام البعض للابتزاز، الرغبة في تدمير الآخرين أو تدمير المنظمات الأخرى.
- إنعدام الثقة: وهو عدم الإيمان بالآخرين، وتنعدم الثقة في بعض الناس أو ربما في نظام كامل كأن تنعدم في الإدارة العليا أو المنظمة؛ ويرجع سبب عدم الثقة إلى ما يلي: سيادة ظروف عمل سيئة، عدم كفاءة النظام الإداري...إلخ.
- الأزمات المتعمدة: هي إفتعال المشاكل والأزمات للتمويه على أزمات أكبر، وهو محاولة لصرف النظر عن أزمة حقيقة بإفتعال أزمات جانبية أو وهمية، ويرجع ذلك إلى ما يلي: محاولة التمويه والتغطية على الأزمات الحقيقة، محاولة كسب أرضية بصورة غير أخلاقية على حساب الغير.
- سوء الإدراك: يعد الإدراك أحد مراحل السلوك الرئيسية فإستعماله بشكل غير سليم يؤدي إلى عدم سلامة الإتجاه الذي إتخذه القائد الإداري وإنفصام العلاقة بين الأداء الحقيقي للكيان الإداري وبين القرارات التي يتخذها هذا القائد، ومن هنا إذا تراكمت نتائج التصرفات السابقة بشكل معين فإنه يوجد ضغطا مولدا للأزمة.
3. أنواع الأزمات في المؤسسة:
إن مفهوم الأزمة وطريقة التعامل معها يعتمد على درجة معرفتنا بنوع وطبيعة هذه الأزمة، وفي هذا الصدد يمكن التمييز بين أنواع مختلفة للأزمات كالأتي:
- الأزمات المادية: هي أزمات ذات طابع إقتصادي ومادي وكمي ويمكن دراستها والتعامل معها ماديا وبأدوات تتناسب مع طبيعة الأزمة، مثال (أزمة الديون، عدم توافر سيولة في الشركة، إنخفاض حاد في المبيعات).
- الأزمات المعنوي: وهي أزمات ذات طابع نفسي وشخصي وغير ملموس ولا يمكن الإمساك بأبعادها، ولا يمكن رؤية أو سماع الأزمة بل يمكن الشعور بها فقط، مثلا (أزمة الثقة، عدم رضاء وإستياء العاملين، إنخفاض الروح المعنوية).
2. الأزمات البسيطة أو الحادة:
- الأزمات البسيطة: وهي الأزمات خفيفة التأثر ويسهل معالجتها بشكل فوري وسريع، ومن أمثال هذه الأزمات البسيطة (عمل تخريبي في بعض أجزاء الشركة، إضراب عمال أحد الأقسام، عطل في خط إنتاج).
- الأزمات الحادة: وهي الأزمات التي تتسم بالشدة والعنف وقهر الكيان الإداري للمنظمة وتقوض أركانه، ومن أمثلة هذه الأزمات الحادة (حريق مخازن بها سلع جاهزة، مظاهرات في كافة مدن الدولة، إعتماد من دولة خارجية).
3. أزمات جزئية أو عامة:
- أزمات جزئية: وهي أزمات تطول جزءا من كيان المنظمة أو النظام وليس كله ويكون الخوف من أن إستمرار الأزمة قد يتعدى إلى باقي أجزاء النظام، مثال (إعتصام لبعض العاملين في أحد الأقسام، إنخفاض الروح المعنوية في إحدى الإدارات، ظهور وباء في أحد المدن الصغيرة).
- أزمات عامة: وهي أزمات لها تأثير على كافة أجزاء النظام (سواء كان شركة أو منظمة أو دولة) ويؤثر كذلك على أشخاصه ومنتجاته، مثال: حريق يأتي على الشركة بأكملها، تدهور حاد في إنتاجية المصنع، إضراب عام لكافة الموظفين والعاملين بالشركة.
4. أزمات وحيدة أو متكررة:
- الأزمات الوحيدة: وهي أزمات فجائية غير دورية وغير متكررة ويصعب التنبؤ بوقوعها وعادة ما يكون هناك أسباب خارجية عن الإدارة هي التي تؤدي إليها، مثال (أمطار عنيفة أو جفاف يؤدي إلى خسائر، سيول تؤدي إلى هدم المنشات، حر شديد يؤدي إلى حرائق ...).
- الأزمات المتكررة: وهي أزمات تتسم بالدورية والتكرار وأنها تحدث في مواسم أو دورات إقتصادية يمكن التنبؤ بها وبالدراسة والبحث يمكن تحديد متى ستقع الأزمة ودرجة حدتها وبالتالي يمكن السيطرة عليها ويتم حدوث هذه الأزمات المتكررة بسبب وجود ظواهر المواسم الزراعية والمواسم الطبيعية كالصيف والشتاء والمواسم الاقتصادية كالرواج والكساد وكلها تؤدي إلى الأزمات التالية على سبيل المثال: أزمة عدم توافر القوى العاملة في مواسم الحصاد، عدم الاحتياج للعاملين في شهور معينة دوريا، أزمات الصقيع التي تهدد المزروعات.
4. المراحل التي تمر بها الأزمة في المؤسسة:
إن لكل أزمة دورة حياة تشبه دورة حياة الإنسان، وأساليب التعامل مع الأزمة يعتمد على معرفتك بالمراحل التي تمر بها الأزمة؛ ومراحل دورة الحياة الأزمة تتجلى في: مرحلة النشأة، مرحلة النمو، مرحلة النضج، ومرحلة الإنحسار.
- مرحلة النشأة: يشعر المسئولين بإحساس مبهم بأن ثمة مشكلة في الطريق، وإن إستطاع المدير أن يتعرف ولو جزئيا على العوامل الأساسية فيها إستطاع أن يقوم بتنفيس الأزمة؛ أي تحويل مسارها من خلال خلق إهتمامات جديدة أو إمتصاص المحركين لها.
- مرحلة النمو: حينما يتم تغذية الأزمة بمحركات وأسباب وأشخاص إضافية تبدأ في الكبر والنمو وفي هذه المرحلة يجب على المسئولين إستقطاب محركات وعوامل النمو أو تحييدها أو خلق تعارض في المصالح بين الأشخاص المحركين لها.
- مرحلة النضج: هنا تصبح الأزمة في قمتها وتبدأ في إفراز خسائر فادحة للمنظمة وتدمر من حولها من مديرين أو أشخاص أو موجودات، وتصبح السيطرة على الأزمة صعبة ما لم يقم متخذ القرار بمواجهة جذرية مع مسببات الأزمة ومحركيها أو البحث عن كبش فداء يتحمل وزر الخسائر وتنتهي عنده الأزمة.
- مرحلة الإنحسار: هنا تبدأ الأزمة في الأفول والإنتهاء وذلك بسبب الصدام أو المواجهة معها، فإذا فقدت الأزمة أسبابها وأشخاصها بدأت في الإنحسار، وعلى المسئولين عدم التفاؤل فربما يلم الأشخاص المسببون الأزمة شتاتهم أو تبدأ الأزمة في النهوض مرة أخرى، وعلى المنظمة أن تعيد بناء نفسها وأن تتعلم من أخطائها.
5. نتائج الأزمة:
يشير ذلك إلى الخسائر الناجمة عن وقوع الأزمة والأضرار التي تصيب المنظمة من جراء حدوت الخسائر، ومن أمثلة نتائج وأضرار الأزمات نذكر ما يلي: وفيات، تشريد أشخاص، إنهيار في البنية الأساسية، توقف المصانع والإنتاج والمبيعات، تدهور في الأرباح وتحقيق خسائر، إفلاس وإنهيار السمعة، إنهيار في الروح المعنوية.
رغم وجود الكثير من الخسائر التي تسببها الأزمة في المؤسسة إلا أن هناك جانب إيجابي للأزمة، مثلا بالنسبة للمنافسين قد تتيح لهم ربح مشروع أو صفقة، لأن خلق أزمة لمنافسه تتيح له الفرصة للدخول في السوق بقوة دون عراقيل أو الربح بسهولة، وذلك بعد وضع خطة محكمة من خلال معرفة نقاط ضعف المنافس، فالسوق أحيانا يطبق قانون الغابة وهو "القوي يأكل الضعيف".
كما أن بعد حدوث أي أزمة يستفيد منها العالم من خلال النقاط التالية:
- إنخفاض أسعار السلع في السوق، إنخفاض تكاليف مواد الإنتاج، صعود بعض دول العالم الثالث (والتي لا تتضرر كثيرا بالأزمات العالمية لإنعزالها...) ببضعة درجات على سلم التقدم،...الخ.
- تستفيد منها بعض المنظمات المستهدفة من طرف الأزمات، ومن أهم المنظمات المستهدفة للازمات (المدارس والجامعات، شركات الأسمدة الكيماوية، المنظمات التي بها تجمع عمالي كبير، لأماكن السياحية ومدن الملاهي، شركات الكمبيوتر، البنوك، الفنادق، المؤسسات الغذائية...).