recent
أخبار ساخنة

ما هي الثقافة التنظيمية؟

إن لكل منظمة الثقافة التنظيمية الخاصة التي تميزها عن ثقافة المنظمات الأخرى بما تشمل عليه من قيم وإعتقادات ومدركات ورموز وغيرها، وقد إزداد إهتمام الباحثين والدارسين في حقل إدارة الأعمال في المدة الأخيرة بثقافة المنظمة لما لها من تأثير كبير على المنظمة؛ إذا ما هي الثقافة التنظيمية وما هي أهميتها؟

الثقافة التنظيمة:

ما هي الثقافة التنظيمية؟

تكمن أهمية ثقافة المنظمة كونها تقوم بدور مهم في بقاء ونجاح المنظمات، وتكون بمثابة موجه ومحرك لسلوك العاملين وتعمل كقوة دافعة توحد الطاقات نحو تحقيق أهداف المنظمة، فالثقافة التنظيمية ذات أهمية كبيرة سواء بالنسبة للأفراد أو بالنسبة للمنظمة. 

1. مفهوم الثقافة التنظيمية:

أجمع الباحثون والمهتمون في مجال الإدارة على ضرورة بناء وتكوين ثقافة منظمية قوية ومع ذلك فقد لوحظ عدم وجود إتفاق على معنى مصطلح ثقافة المنظمة ومفهومها، حيث ورد أكثر من 250 تعريفا لثقافة المنظمة، وفيما يلي سنذكر بعضا منها:

الثقافة التنظيمية هي "تراث مشترك من القيم والمعتقدات، الجزاءات تسمح لأفراد المنظمة بالتماثل والترابط مما يؤدي إلى إستقرار النظام بتوجيه وتعديل السلوكيات وقرارات التسيير المهمة". 

وهي "مجموعة منفردة نسبيا تحمل معاني القيم والمعتقدات والعادات والتقاليد والممارسات التي يسهم اعضاء المنظمة بها، وتمتد كذلك إلى تعلم الطقوس وشعائر حاكمة لسلوكيات العاملين تتولد نتيجة تفاعلهم ضمن مناخ العمل الرسمي و غير الرسمي".

الثقافة التنظيمية هي "كل ما صنعته يد الإنسان وعقله من أشياء ومن مظاهر في البيئة الإجتماعية، فاللغة والعادات والتقاليد والمؤسسات الإجتماعية والمفاهيم والأفكار كلها عناصر ثقافية لأنها من صنع الإنسان"؛ وهناك من يرى أنها المفاهيم الإنسانية كالقيم والقواعد السلوكية الناتجة عن تفاعلات الأفراد والمناخ النفسي السائد في المنظمة.

الثقافة التنظيمية هي "القيم والإفتراضات والمعتقدات، والمفاهيم، والتي يتقاسمها جميع أفراد المنظمة وعلى أنها القيم السائدة في المنظمة، وهي أكثر مكونات المنظمة أهمية، وتشتمل على العديد من العناصر والمكونات المعنوية والمادية، وتتضمن سلوك العاملين في المؤسسة ومدى تعاونهم مع بعضهم بعضا، ومعايير الترقيات والعقوبات.

فالثقافة التنظيمية هي تعبير عن قيم الأفراد ذوي النفوذ داخل منظمة معينة، والتي تؤثر بدورها على سلوك الأفراد وتحدد الأسلوب الذي يجب أن ينتهجوه في قراراتهم وإدارتهم لمرؤوسيهم ومنظماتهم.

الثقافة التنظيمية مجموعة الأخلاق والقيم والمبادئ والأفكار والمفاهيم والعادات والتقاليد السائدة في المنظمة، والتي تشكل منهجا متميزا ومستقلا في التفكير يؤثر على سلوكيات الأفراد داخل المنظمة وعلى أهداف المنظمة.

وتعرف أيضا على أنها: "نمط من الإفتراضات المشتركة، والقيم، وقواعد السلوك والرموز يتعلمها مجموعة من الأفراد داخل المنظمة لإيجاد حلول للمشاكل التي تواجههم، وإيجاد نوع من التكيف الخارجي والتكامل الداخلي، وتعمل بشكل جيد بما فيه الكفاية للصالح العام، وتعلم الأعضاء الجدد الطريقة الصحيحة في الادراك والتفكير في إيجاد الحلول للمشاكل".

من خلال التعاريف السابقة يمكن أن نخلص إلى تعريف الثقافة التنظيمية على أنها مجموعة من المكونات التي تشتمل القيم والمعتقدات والعادات والتقاليد، الأعراف والإتجاهات والإفتراضات والتوقعات والشعائر والطقوس واللغة والقصص والأساطير والهياكل المادية والرموز. هذه المكونات تتفاعل فيما بينها وبين الأفراد العاملين مكونة أسلوب وطريقة الحياة داخل المنظمة.

2. أهمية الثقافة التنظيمية:

تعطي منظمات اليوم وخاصة المدراء أهمية بالغة للثقافة التنظيمية على إعتبار أنها أصل هام، فالمنظمة التي تمتلك ثقافة قوية وسليمة تجعلها تمتلك مزايا تنافسية تمكنها من التفوق على المنظمات المنافسة لها.

وعلى ذلك فالمنظمات الناجحة تحتاج أكثر من وجود إستراتيجيات فعالة بل تحتاج إلى ثقافة فعالة تدعم إستراتيجياتها وتكمن أهمية الثقافة في:

  • تعتبر بمثابة دليل للمدراء والعاملين، تشكل لهم نماذج السلوك والعلاقات التي يجب إتباعها والإسترشاد بها.

  • الحفاظ على التماسك والعمل الجماعي، فهي تولد شعورا بالإنتماء وبالتالي تحد من الصراعات الداخلية وتحسن في الأداء.

  • تعمل على جعل سلوك الأفراد ضمن شروطها وخصائصها، وتشكل أطار مرجعي يقوم الأفراد بتفسير الأحداث والأنشطة في ضوئه.

  • تعبر عن الإطار الفكري الذي يوجه أعضاء المنظمة وينظم أعمالهم وعلاقاتهم وإنجازاتهم، كما تحدد للأفراد السلوك الوظيفي المتوقع منهم، وبالتالي لا يؤدون أدوارهم فرادى بل يؤدونها في إطار تنظيمي واحد.

  • تعتبر من الملامح المميزة للمنظمة عن غيرها من المنظمات، والتي تعبر عن هويتها كما أنها مصدر فخر العاملين، لأنها تزويد العاملين الإحساس بالهوية

  • تعتبر عنصرا فاعلا في المنظمة حيث تساعدها على تحقيق أهدافها وطموحاتها، حيث تسهل العمل في المنظمات وذلك بإتباع السلوكيات والعادات التي تفرضها عليهم ثقافة المنظمة.

  • تعتبر ميزة للمنظمة إذا كانت تؤكد على سلوكيات خلاقة كالتفاني في العمل وخدمة الزبائن، مما يسمح بتكوين شخصية مستقلة للمنظمة تميزها عن باقي المنظمات.

تعتبر عاملا لجذب وإستقطاب الموارد البشرية ذات الكفاءات العالية والطموحة فالمنظمات الرائدة التي تستند إلى قيم كالإبداع والإبتكار والتميز تستهوي الأفراد للعمل فيها.

3. مصادر الثقافة التنظيمية:

تتحدد أهم مصادر الثقافة التنظيمية في:

  • العادات والتقاليد والأعراف: تمثل قيم المجتمع الذي يعيش فيه الفرد. فشخصية الفرد ونمطه السلوكي يتأثر بالتقاليد والعادات والأعراف حسب المناطق الجغرافية والبيئية التي يتواجد فيها الفرد وتنشط فيها المنظمة.

  • الطقوس والإحتفالات بالمناسبات: تقوم المنظمة بالإحتفال ببعض الأعياد والمناسبات خاصة بعد عودة العاملين إلى العمل أو الإحتفال بدخول موظف جديد إلى المنظمة أو توديع موظف أحيل على التقاعد.

  • الأساطير: هي حكايات خرافية تستخدم كرموز إجتماعية، ولها جانبين جانب سلبي وايجابي؛ أما الإيجابي فيتمثل في ربط الفرد بتراثه وثقافته القديمة أما السلبي يتمثل في خلط الأساطير مع الحقائق وتوليد الصراعات.

  • الطرائف والنكت والألعاب: يجري إستخدامها كأساليب رمزية للتعبير عن المحبة والألفة وتخفيف الصراعات بين العاملين وتقليل عوائق الإتصال، وتستخدم خاصة في الإجتماعات والإحتفالات.

  • البطولات والرموز الإجتماعية: ترتبط بقصص القادة في مجال السياسة والتاريخ والإدارة وغيرها، وتؤخذ كقدوة يحتذى بها في مجال عمل المنظمات.

  • القصص والحكايات: تستخدم عادة لتعكس رسالة معينة، كأن تحكي للموظفين كيفية تطور جهاز إداري أو منظمة معينة.

4. خصائص الثقافة التنظيمية:

تتميز الثقافة التنظيمية بمجموعة من الخصائص الأساسية والتي تعبر عن جوهرها وهي:


  • الإنسانية: الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يصنع الثقافة ويبدع في عناصرها ويرسم معالمها، وهي بدورها تصنع الإنسان وتشكل شخصيته.

  • الإكتساب والتعلم: الثقافة ليست غريزة فطرية ولكن يكتسبها الفرد من المجتمع المحيط به أو من الأوساط الإجتماعية التي ينتقل بينها سواء الأسرة أو المدرسة أو منظمة العمل ويتم إكتساب الثقافة عن طريق التعلم المقصود أو غير المقصود أو من خلال التجربة والخبرة وتفاعله مع الآخرين.

  • الإستمرارية: تتسم الثقافة بالإستمرارية فالسمات الثقافية تحتفظ بكياناتها لعدة أجيال بالرغم مما تتعرض له المنظمات الإدارية من تغيرات مفاجئة.

  • التراكمية: يترتب على إستمرار الثقافة تراكم السمات الثقافية عبر الزمن، وتختلف الطريقة التي تتراكم بها خاصية ثقافة معينة عن خاصية ثقافة أخرى.

  • الإنتقائية: أدى تراكم الخبرات الإنسانية إلى تزايد السمات الثقافية، والتي تعجز الأجيال عن الإحتفاظ بها، وهذا ما فرض على كل جيل القيام بعمليات إنتقائية واسعة من عناصر الثقافة بقدر ما يحقق إشباع حاجاته.

  • القابلية للإنتشار: ويقصد به إنتقال العناصر الثقافية بطريقة واعية داخل الثقافة نفسها من جزء إلى أجزاء أخرى ومن ثقافة مجتمع إلى ثقافة مجتمع آخر.

  • القابلية للتغير: تتميز الثقافة بخاصية التغير إستجابة للأحداث التي تتعرض لها بيئة المنظمات، والتي تجعل من الثقافة السائدة غير مناسبة لإشباع الإحتياجات، وهذا ما يحتم على المنظمة القيام بحذف أو إضافة بعض العناصر للتكيف.

  • التكاملية: تميل المكونات الثقافية إلى الإتحاد والإلتحام لتشكل نسقا متوازنا ومتكاملا لتتحقق عملية التكيف مع التغيرات والتطورات التي تشهدها المجتمعات وبيئة الأعمال.

  • نظام مركب: حيث تتكون من عدد من المكونات أو العناصر الفرعية التي تتفاعل مع بعضها البعض في تشكيل ثقافة المنظمة والتي تشمل: العناصر المعنوية مثل الأخلاق والمعتقدات وغيرها، العناصر السلوكية المتمثلة في العادات والتقاليد والأفكار، والعناصر المادية وهي كل ما ينتجه أعضائها من أشياء ملموسة.

5. عناصر الثقافة التنظيمية:

تتمثل عناصر الثقافة التنظيمية في:

  • القيم: عبارة عن المعايير المشتركة بين أعضاء المنظمة الواحدة كالاحترام والمساواة والعدالة والطموح وغيرها.

  • الإتجاهات: تعبر عن مجموع الاستعدادات الذهنية والنفسية للعاملين تجاه محيط عملهم (موقف، فرد، وظيفة).

  • المعتقدات: هي الأفكار والآراء المشتركة حول محيط العمل، كأهمية تبادل المعلومات والمشاركة في إتخاذ القرارات.

  • الأعراف: هي معايير يلتزم بها العاملون في المنظمة، كالتزام الإدارة بعدم تعيين الأب والإبن في نفس المنظمة.

  • التوقعات: تشير إلى ما تنتظره المنظمة من عمالها، كتوقعات المرؤوسين، توقعات الإحترام من الزملاء.

  • اللغة: تعتبر وسيلة التخاطب والإتصال بين أعضاء المنظمة، كما تعبر عن بعض التصرفات المعينة.

  • الرموز: تعتبر إيحاءات ومعاني مختصرة للإدارة موجهة للعاملين مثل: اللباس، الأوسمة، شهادات التقدير وغيرها.

6. أنواع الثقافة التنظيمية:

تختلف أنواع الثقافة التنظيمية من منظمة إلى أخرى ومن قطاع لآخر؛ ولقد صنفها البعض إلى نوعين ثقافة قوية وثقافة ضعيفة، حيث نجد عاملان يحددان درجة قوة الثقافة التنظيمية، هما: 

  • الإجماع ومدى مشاطرة نفس القيم والمعتقدات في المنظمة. 
  • الشدة، ويشير إلى مدى قوة وتمسك أعضاء المنظمة بالقيم والمعتقدات الهامة.

ومن أبرز التصنيفات الأخرى للثقافة التنظيمية نجد:

  • الثقافة البيروقراطية: تتحدد فيها المسؤوليات والسلطات، وهي تقوم على التحكم والإلتزام.

  • الثقافة الإبداعية: توفر البيئة المناسبة للإبداع، ويتصف أفرادها بحب المخاطرة ومواجهة التحديات.

  • الثقافة المساندة: تركز على الجانب الإنساني في البيئة، ومن قيمها الصداقة ومساعدة الآخرين والثقة والتعاون.

  • ثقافة المهمة: تركز على الأهداف وإنجاز الأعمال تحقيق مع الإستخدام الأمثل للموارد المتاحة بأقل تكلفة ممكنة.

  • ثقافة الدور: تركز على نوع التخصص الوظيفي، أي الأدوار الوصفية للأفراد وتوفر الأمن الوظيفي وثبات الأداء.

  • ثقافة العمليات: تركز على طريقة إنجاز الأعمال، ولهذا يأخذ كل فرد الإحتياطات اللازمة لإنجاز عمله بدقة.

ومن بين أهم الأساليب في تكوين ثقافة قوية نجد "HOME":

  • بناء إحساس بالتاريخ (History): سرد تفاصيل وحكايات عن التاريخ وحكايات الأبطال.

  • إيجاد شعور بالتفرد (Oneness): القيادة ونمذجة الأدوات وإيصال المعايير والقيم.

  • تطوير الإحساس بالعضوية والإنتماء (Membership): من خلال نظم العوائد والتخطيط الوظيفي والإستقرار الوظيفي والإختبار والتعيين والتنسيق بين الجماعات.

  • التبادل (Exchange): نقصد تفعيل التبادل بين أعضاء المنظمة من أجل زيادة قوة وتماسك ثقافة المنظمة.
google-playkhamsatmostaqltradent