تسيير المسارات المهنية:
1. تعريف تسيير المسارات المهنية:
تسعى المنظمة من خلال وضع الشخص المناسب في المكان المناسب لتحقيق التوافق بين الفرد ووظيفته، ضمن ما يسمى "تسيير المسار المهني"، وصنف الباحثون تخطيط وإدارة المسار المهني كأنشطة داعمة لتنمية المسار المهني، حيث يعد التخطيط الخطوة الأولى نحو دعم تنمية المسار المهني.
في حين تسبق إدارة المسار المهني عملية تنمية المسار، لأنه بمجرد تخطيط الآهداف الخاصة بالمسار سيحتاج الفرد للمهارات والكفاءات لتحقيق هذه الأهداف، من خلال الممارسات الملائمة والتي تقوم بها المنظمة لإدارة المسار المهني بنجاح، وهناك عدة تعريفات لتسيير المسار المهني نورد بعضها فيما يلي:
- مجموع القرارات والنظم التي تنفذ من طرف مسؤولي إدارة الموارد البشرية من أجل تنظيم، تخطيط ومراقبة حركة الآفراد داخل المنظمة من خلال عمليات النقل والترقيات.
- العملية التي يتم من خلالها زيادة وعي وإدراك الآفراد بميولهم المهنية وقيمهم ونقاط قوتهم وضعفهم من خلال ما توفره المنظمة من معلومات حول الفرص الوظيفية المتاحة.
- المساعدة المقدمة من المنظمة لدعم وتعزيز نجاح المسارات المهنية للعاملين لديها.
- العملية التي يتم بموجبها المواءمة بين إعتبارات الفرد واهتماماته ورغبته في التقدم المهني، وبين إحتياجات المنظمة المستقبلية وفرصها في النمو.
- إحدى وظائف إدارة الموارد البشرية التي تعني بإحداث توافق وتطابق بين الفرد والوظيفة التي يشغلها، وذلك بهدف تحقيق أهداف المنظمة في الإنتاجية وتحقيق أهداف الآفراد في الرضا عن العمل.
- ذلك الجانب الذي يقع ضمن مسؤولية الفرد في تنمية المسار المهني، ويتضمن ما يخططه الفرد بنفسه لحياته المهنية، وتشمل تقييم الفرد لقدراته وإهتماماته للفرص الوظيفية، صياغة الآهداف وتحقيق الآنشطة التنموية المناسبة.
رغم تعدد هذه التعريفات إلا أن هناك إتفاق على أن تسيير المسار المهني هو: "مجموعة الإنشطة المشتركة بين الفرد والمنظمة لإعداد الفرد لمراحل سير وظيفي متصاعدة وتحديد المهارات المطلوبة لإحداث التوافق بين أهداف الفرد وأهداف المنظمة". ومما سبق يمكن إستخلاص العناصر التالية:
- تسيير المسار المهني نشاط يهم المنظمة بنفس القدر الذي يهم الفرد، وكلاهما يهتم في سعيه وسلوكه إلى تحقيق التوافق بين الوظيفة والفرد وإحتياجات المنظمة وأهدافها.
- تسيير المسار المهني نشاط معقد، فشاغلي الوظائف أفراد متباينون في صفاتهم وطموحاتهم وأهدافهم وتطلعاتهم الوظيفية.
- مبدأ المنفعة المتبادلة والمصلحة المشتركة، حيث لا يمثل أحد الطرفين (الفرد أو المنظمة) آخرين، وذلك لوجود عبئا على مصلحة ذاتية لكل منهما من خلال التخطيط الفعال للحياة المهنية.
2. أهداف تسيير المسارات المهنية:
- تلبية إحتياجات المنظمة الحالية والمستقبلية الكمية والنوعية من الموارد البشرية وفق أسس زمنية معينة، في مختلف المستويات الإدارية.
- تقليل معدل دوران العمالة والتغيب وتعزيز دافعية العمال.
- إعلام الفرد بالمسارات المهنية المحتملة بالمنظمة، وتحقيق التنسيق والتكامل في نظام الموارد البشرية ووضع سياسات جديدة في مجالات النقل، الترقية، التدريب.
- وضع نظم ولوائح مرنة وموضوعية لأنشطة التعيين والآجور والمكافآت وغيرها من سياسات التوظيف والإستثمار في الموارد البشرية.
- الحصول على مناصب تتناسب مع الخلفية العلمية والعملية وتنمية الخبرات والقدرات وتوفير عمال أكفاء.
- الإستفادة من فرص الترقية والتدرج الوظيفي.
- الحصول على معدل مناسب من الآجر وملحقاته.
- إشباع الحاجات الإنسانية والإجتماعية والآمنية، وحاجات المكانة والتقدير وتحقيق الذات.
تتوزع أهداف تسيير المسار المهني بين الفرد والمنظمة، فإهتمام المنظمة بتسيير المسار المهني بأساليب علمية وموضوعية يؤدي إلى تحقيق أهداف المنظمة في الإنتاجية والربح وتقليل معدلات دوران العمل والتغيب، كما أن إتاحة الفرصة للتقدم والنمو سيؤدي إلى تكوين قوة بشرية منتجة وراغبة في العمل، فكلما كان إدراك الأفراد لقوة العلاقة بين مهاراتهم وبين الفرص المتاحة إمامهم للتقدم والتدرج، زاد إخلاصهم وولاءهم للمنظمة وشعورهم بالإنتماء إليها.
3. إستخدامات تسيير المسارات المهنية:
لإستخدامات تسيير المسارات المهنية في العديد من المجالات حيث تتمثل إستخدامات تسيير المسارات المهنية في النقاط التالية:
- ربط مراحل المسار التدريبي بالمسار المهني.
- ربط المهارات والقدرات الفردية بالوظائف.
- فهم وتوضيح التدرج الوظيفي ووصف الوظائف.
- فهم وتوضيح القيم الداخلية للوظيفة (الإنجاز، التحدي، تنمية مهارات جديدة والقيم الخارجية، الانتماء للجماعة، الصداقة).
- فهم ودراسة الإتجاهات والمشاعر النفسية والسلوكية للعمال والعوامل المؤثرة عليها.
4. الأطراف المسؤولة عن تسيير المسارات المهنية:
- توفير وظائف ديناميكية ذات مسؤوليات مختلفة، متعددة، ومتغيرة.
- توفير برامج تكوينية متنوعة من شانها إثراء مهارات ومعارف العمال لإعدادهم لتولي مناصب ذات مسؤوليات أكبر.
- التقييم المستمر والدوري لأداء العمال لمعرفة ما يمتلكونه من قدرات ومدى قدرتهم على التطور والنمو.
- إحداث التغيير السلوكي الايجابي لدى الآفراد، من خلال التحفيز المعنوي، وذلك بالتأييد والدعم المستمر، مما يولد لدى الآفراد الدافع للتنمية والتطوير الذاتي.
وفيما يلي بعض الآدوار التي يقوم بها المشرفون لمساعدة العمال في ذلك:
- المساعدة في تحديد الاهتمامات والمهارات والأهداف.
- المساعدة في تقييم الخيارات وإختيار البديل الأفضل.
- مناقشة مجموعة الآهداف مع الموارد البشرية. تقييم أداء الموارد البشرية.
- مناقشة الآداء مع الموارد البشرية ومتطلبات خطة المسار المهني.
- تدريب الموارد البشرية على المهارات الفنية المساعدة في إيجاد مراكز تدريبية مناسبة للموارد البشرية أو في إيجاد فرص عمل أفضل.
- العمل مع الموارد البشرية لتحسين أوضاعهم المهنية وحل المشاكل العالقة مع الإدارة.
- وضع خطط بديلة للمسارات المهنية في حالة تعذر تنفيذ ما تم تخطيطه لعدم تناسبها مع توجهات الإدارة.
5. نماذج تسيير المسارات المهنية:
- مرحلة الإعداد للعمل: تبدأ هذه المرحلة من بداية حياة الفرد وحتى سن 52 سنة، حيث يكون الفرد قد توصل إلى تحديد صورة ذهنية عن نفسه وعن العمل الذي يريد ممارسته، وتحديد نوع التعليم الذي يوافقه، وهي قابلة للتغيير كلما تغيرت صورة الفرد عن نفسه من خلال التجربة الشخصية.
- مرحلة التوظيف: تستغرق هذه المرحلة ال 52 سنة الآولى من حياة الإنسان الذي يبحث فيها عن وظيفة يعتقد أنها تشبع رغباته وميولاته.
- مرحلة التأسيس: تبدأ من 25 إلى 40 سنة، يتعلم فيها الفرد النواحي الوظيفية الفنية والمناخ التنظيمي والثقافة التنظيمية حتى يلقى القبول والمكانة اللائقة كعنصر في المنظمة، ويكون توجه الفرد في هذه المرحلة ناحية النجاح وإثبات الذات الوظيفية.
- المرحلة المتوسطة: تبدأ هذه المرحلة من سن 25 إلى 30 سنة، وهي مرحلة مشبعة بالنصح الحياتي والمهني معا، حيث يعيد فيها الفرد تقييم حياته المهنية، من خلال إجراء مقارنة بين ما خطط له وكان يتوقعه مع ما حققه، ثم الإنطلاق من جديد في تحديد البدائل المستقبلية إنطلاقا من تفكير واقعي دقيق.
- المرحلة المتأخرة: تبدأ بدخول الفرد في سن 22 سنة، يحاول خلالها البقاء في المنظمة كفرد منتج يمتلك الكثير من الخبرات الوظيفية التي يمكن الإعتماد عليها، ويحاول تحقيق إشباعات تقدير الذات تمهنيدا لتحقيق ذاته بالوصول إلى الآهداف التي كان يصبو إليها في بداية حياته، ثم يعد نفسه لمرحلة ما بعد التقاعد حتى يكون بحالة جيدة وفي صلح مع الذات.
- التقدم للأمام (الحركة الوظيفية للأعلى).
- الشعور بالأمان (الولاء والإنتماء).
- الشعور بالحرية (الحكم الذاتي).
- الشعور بالحماس للعمل.
- التوازن (المعادلة بين الحياة الشخصية والمهنية).
3. نموذج إريكسون (Erickson): يقوم هذا النموذج على نمط عام للمسار المهني يتألف من ثلاث مراحل كبرى هي:
- مرحلة التأسيس: تشمل هذه المرحلة كافة النشاطات والتطورات التي يمر فيها الفرد منذ ولادته ونشأته وتعليمه المدرسي وإعداده للحياة العملية.
- مرحلة التقدم: تشمل التدريب والتطوير والتكيف مع متطلبات الوظيفة المرتبطة بالحياة العلمية للفرد.
- مرحلة الصيانة: تتضمن هذه المرحلة كافة النشاطات التي تساعد في النمو الفردي والمهني وتحقيق الإستمرارية والإستقرار المتوازن في مجال العمل والآهداف الفردية.
4. نموذج ميلر وفورم (Miller & Form): يقوم هذا النموذج على خمسة مراحل كبرى هي:
- المرحلة الآولى: الإعداد وإكتشاف العمل.
- المرحلة الثانية: البدايات في العمل.
- المرحلة الثالثة: محاولة إثبات الذات.
- المرحلة الرابعة: الثبات والإستقرار.
- المرحلة الخامسة: نهاية المسار المهني والتوجه التقاعد.
5. نموذج هول ونوجيم (Hall & Naugaim): يقوم هذا النموذج على خمسة مراحل كبرى هي:
- المرحلة الأولى: ما قبل العمل.
- المرحلة الثانية: البناء والتأسيس.
- المرحلة الثالثة: التقدم والتطور.
- المرحلة الرابعة: الإستقرار والبقاء.
- المرحلة الخامسة: الإنحدار والهبوط (المعاش والتقاعد).
6. نموذج سوبر (Super): يقوم هذا النموذج على خمسة مراحل كبرى هي:
- المرحلة الأولى: النمو والنشوء (الطفولة).
- المرحلة الثانية: البحث وإكتشاف العمل.
- المرحلة الثالثة: البناء والتكوين.
- المرحلة الرابعة: المحافظة على البقاء.
- المرحلة الخامسة: الإنحدار أو المعاش.
7. نموذج جرين هوز (Greenhaus): يقوم هذا النموذج على خمسة مراحل كبرى هي:
- المرحلة الأولى: دخول عالم الآعمال.
- المرحلة الثانية: دخول عالم المنظمات.
- المرحلة الثالثة: الإنجاز والتأسيس.
- المرحلة الرابعة: جمود المسار.
- المرحلة الخامسة: التقاعد والمسار المتأخر.
6. أسباب الفشل الموظف في مساراته المهنية:
- زيادة الطموح وعدم واقعيته: في بداية المسار يكون لدى الفرد مجموعة من الطموحات يأمل في تحقيقها، وقد يفشل في ذلك رغم ما لديه من إمكانيات تحقق له ذلك الطموح، وذلك بسبب زيادة طموحه وعدم واقعيته.
- إنعدام أهمية الوظيفة الأولى: يزداد إحباط الكثير من الآفراد في وظائفهم الآولى بسبب صغر الوظيفة وإنخفاض أهميتها، غير واقعية وما يزيد من المشاكب تعقيدا هو أن الفرد يضع أهدافا كبيرة، وفي نفس الوقت لا يعطي الرؤساء أهمية إلى هؤلاء الأفراد رغم ما لديهم من قدرات، يمكن توظيفها في أعمال ووظائف بها درجة من التحدي.
- إنخفاض الجانب العملي: يتميز الفرد الجديد بأنه نظري، وأنه يحتاج إلى أن يتعلم الكثير من الجوانب العملية والتطبيقية، وأن ما درسه يحتاج إلى بعض التكيف حتى يتم تطبيقه.
- مشاكل مع الرئيس: أن تجاهل الرئيس المباشر للفرد الجديد وعدم تدريبه له وإهماله في إعطاء التعليمات اللازمة وتحفيزه وعدم نصحه وإرشاده، له أثر سابي على الفرد الجديد.
- مشاكل مع الزملاء: يمارس الزملاء مع الفرد الجديد بعض الحيل والخدع لإثبات أقدميتهم وأحقيتهم في الوظيفة، بينما يحتاج الفرد الجديد إلى النصح والإرشاد.
- عدم النضج الشخصي: يتميز الفرد في بداية مساره المهني بعدم الخبرة الكافية لتحمل المسؤوليات الكبيرة، كما أنه غير ماهر في العلاقات الإجتماعية والشخصية مع عدم القدرة على تحفيز الذات، وهي من الآمور المطلوبة لتحقيق النجاح المهني.
- إدراك الفرد لتقدمه في العمر وشعوره بإنخفاض قدراته الجسمانية، وبالتالي إنخفاض جاذبية سوق العمل، مما يؤدي إلى تزايد الإهتمام بالتأصيل وتقوية الوظيفة.
- إدراك الفرد لأهدافه التي حققها والتي لم يحققها، نظرا للإنكماش المستمر لمرحلة العمل المتبقية، وبالتالي انكماش الفترة المتاحة للفرد للوصول إلى المراكز العليا.
- نظرا لتعقد الآعمال وتزايد الإعتمادية يضطر المديرين إلى الاعتماد على فرق من المستشارين والمساعدين.
- تزايد ضغط العمل، حيث ينطوي العمل الإداري على الكثير من التضحيات بالرغبات والآهداف الشخصية، فيتولد لدى الفرد الكثير من الغضب إتجاه نفسه والمنظمة التي يعمل بها.
- إنخفاض مستوى الدخل يدفع بالمتقاعد إلى أن يجاهد من أجل العيش بأقل حد يكفي مطالب حياته.
- قد يؤدي الإحالة على التقاعد إلى إنهيار تقدير الشخص لذاته، مما يدفعه للبحث عن نشاطات بديلة تساعده على دعم وتوطيد مكانته وإحترام ذاته.
- يفقد المتقاعد علاقاته الإجتماعية التي كانت قائمة بسبب طبيعة العمل الذي كان يزاوله، وبالتالي يعطي للفرد الفرصة للتفاعل مع الآخرين والتخفيف من مشاعر العزلة والوحدة.
- العمل يربط الفرد بالمجتمع الذي يعيش فيه، من خلال المساهمة في توفير المنتجات التي يحتاجها.