عملية تسعير المنتجات والخدمات:
1. تعريف السعر:
يمكن التعبير عن السعر على أنه القيمة المعطاة لسلعة أو خدمة معينة والتي يتم التعبير عنها في شكل نقدي، فالمنفعة التي يحصل عليها المستهلك من شراء سلعة أو خدمة معينة، ويتم التعبير عنها في شكل قيمة معينة يتم ترجمتها من جانب المؤسسة في شكل سعر معين يدفعه المستهلك ثمنا لهذه المنفعة.
وبالتالي فإن السعر المدفوع لا يعكس فقط المكونات المادية للسلعة ولكن يمكن أن يشمل أيضا العديد من النواحي مثل: النفسية، شهرة المنتج، مجموعة الخدمات المقدمة والمرتبطة ببيع السلة أو الخدمة، ويرتبط تحديد سعر السلعة إلى حد كبير بجودتها وقدرتها على الأداء، ولتحديد السعر أهمية بالغة على ربحية المؤسسة وقدرتها على الإستمرار وعلى عناصر المزيج التسويقي الأخرى.
2. أهداف التسعير:
يمكن التفرقة بين عدة أهداف تسعى إليها المؤسسة من خلال عملية التسعير ومن ضمن هذه الأهداف نجد:
- تحقيق معدل عائد مناسب على الإستثمار: تهدف بعض منظمات الأعمال من تسعير منتجاتها إلى تحقيق معدل عائد مناسب على إستثماراتها، وتحدد منظمات الأعمال معدل العائد على الإستثمار الذي تعتقد أنه العائد المناسب، ثم تحدد السعر الذي يضمن تحقيق معدل العائد المذكور، فعلى سبيل المثال فإن شركة «General Motors» تحدد أسعار منتجاتها على أساس تحقيق نسبة عائد مقبولة لإستثماراتها مقدارها 02% عند بناء إستراتيجيتها السعرية العامة، ويتوجب على منظمة الأعمال عند تحديد معدل العائد على الإستثمار أن تأخذ في الحسبان مركزها السوقي والظروف الإقتصادية لما لهما من أثر على مدى قدرتها في تحقيق معدل عائد مناسب على إستثماراتها.
- المحافظة على إستثماراتها أو تحسين الحصة السوقية: يعتبر نصيب المؤسسة من مبيعات السوق (الحصة السوقية) أحد المؤشرات للحكم على مركز المؤسسة ومدى تحقيقها لأهداف النمو والإستمرار، فمعظم المؤسسات تسعى إلى الحصول على نصيب معين من مبيعات السوق الذي تعمل فيه، ويكون هذا الهدف ملائما إذا كان السوق ينمو وكانت هناك فرص مستقبلية للمؤسسة تسعى إلى إقتناصها.
- مقابلة أو منع المنافسة: يعتبر هذا الهدف مناسبا للعديد من المؤسسات وبصفة خاصة تلك التي تعمل في صناعة تتميز بنمطية منتجاتها، و وجود شركات قائدة للسوق، وأخيرا إذا كانت المؤسسات لا تستطيع التحكم في العوامل المحددة لأسعارها، وبالتالي تتبع مدخل إتبع القائد حتى يتسنى لها مقابلة المنافسة أو الحد منها.
- إستقرار الأسعار: تسعى بعض المؤسسات إلى المحافظة على إستقرار الأسعار كهدف سعري في فترة زمنية معينة وخاصة تلك المؤسسات التي تعمل في صناعة تتميز بتذبذب الطلب على منتجاتها من وقت لآخر، وفي ظل قيادة سعرية من إحدى المؤسسات في الصناعة وبالتالي فمن مصلحة المؤسسة تفادي حرب الأسعار (المنافسة السعرية) من المؤسسات القائدة سواء في حالة زيادة الطلب أو نقصانه، وتزداد أهمية هذا الهدف في حالة المرونة السعرية المرتقبة للطلب.
- تعظيم الأرباح: وهو من أكثر الأهداف شيوعا بين المؤسسات التي تسعى إلى تحقيق أرباح في الأجل الطويل، حيث أنه ينطوي على أفضل طريقة لتخصيص الموارد مع المحافظة على رضا وولاء المستهلك، ويتيح تعظيم الربح في الأجل الطويل الفرصة للمؤسسات الناجحة في تحقيق أهداف النمو والبقاء في السوق، وقد إقترح الكثيرون تعديل هدف تعظيم الربح ليكون تحقيق زيادة مرضية في الأرباح، حيث يكتنف هدف تعظيم الربح العديد من الصعوبات في تحقيقه نظرا لتعارضه مع مصالح الأطراف المتعاملة مع المنظمة وللضغوط السابق الإشارة إليها من الحكومة وجمعيات حماية المستهلكين والكثير من الأسباب الأخرى.
3. العوامل المؤثرة في تحديد السعر:
يمكن تقسيم العوامل التي تؤثر في مقدرة المؤسسة وحريتها عند تحديد أسعار منتجاتها إلي نوعين أساسيين: عوامل خارجية (بيئية) وعوامل داخلية (داخل المؤسسة).
1.3 العوامل الخارجية:
تتمثل العوامل الخارجية في كل من الطلب والمنافسون وكذا الموردون والموزعون، التدخل الحكومي والظروف الإقتصادية.
- الطلب: يؤثر الطلب على تسعير السلعة أو الخدمة وبصفة خاصة عند تسعير السلعة لأول مرة. فهناك عوامل كثير تشكل وتؤثر على نمط الطلب على سلعة معينة منها دخل المستهلك وتفضيلاته، القوة الشرائية، عدد وقوة المنافسين...إلخ؛ فيجب تحديد سعر السلعة ودراسة الطلب على هذا النوع من السلعة ومرونة الطلب عليها، فهناك بعض السلع التي تتميز بحساسية المستهلك إتجاه أسعارها والتغيرات فيها، بالإضافة لذلك فإن دخل المستهلك يؤثر على نمط الطلب على سلع معينة، وبالتالي إزدياد الفائض يزيد من الطلب على الخدمات المصرفية والسياحية والسلع المعمرة وإلى ما ذلك من الأمثلة.
- المنافسون: يمثل المنافسون عاملا خارجيا هاما ومؤثرا على قدرة المؤسسة على تحديد أسعارها، فيجب على المؤسسة عند تحديد أسعار منتجاتها ملاحظة أسعار المنافسين ومتابعتها والعمل على التنبؤ بسلوك المنافسين، ليس فقط في نفس الصناعة بل في الصناعات الأخرى التي تنتج سلعا تشبع نفس الحاجة، بل أن العديد من المؤسسات تتبع مدخلا في التسعير إعتمادا على تصرفات المنافسين وخاصة القائدين في الأسواق، فهناك بعض المؤسسات تضع سعرا أقل من أسعار المنافسين أو في مستوى أسعارهم أو أعلى من الأسعار السائدة، وهناك بعض المؤسسات تكون من التابعين للمؤسسات القائدة في الصناعة فتضع أسعارها على ضوء أسعار هذه المؤسسات القائدة.
- التدخل الحكومي: يلعب التدخل الحكومي دورا هاما في قدرة المؤسسة على تحديد أسعار منتجاتها في الكثير من الدول، ففي بعض الدول قد تقوم الحكومة بتحديد أسعار معينة تلتزم بها المؤسسات، وبالتالي لا تجد المؤسسات مفرا من الخضوع إلى هذه الأسعار أو أن تضع إطارا معينا للأسعار يمكن أن تتحرك في حدوده، وتظهر أهمية هذا العامل بصفة خاصة في الدول النامية وفي الأسواق التي تتميز بنقص المعروض من السلعة بالنسبة للطلب عليها حتى تقضي على أي محاولة لإحتكار سلعة معينة أو فرض أسعارها على المواطنين.
- الظروف الإقتصادية: تختلف قدرة المؤسسة على التحرك بإختلاف الظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد، ففي حالات الرواج تزيد قدرة المؤسسة على تحديد أسعارها على ضوء الظروف التنافسية الموجودة، بعكس حالات الكساد التي تحاول المؤسسات أن تزيد من الطلب على السلعة ويكون ذلك سواء بتخفيض الأسعار أو زيادة الخدمات المصاحبة للسلعة ومتابعة ذلك، وتمثل معدلات التضخم المتزايدة في بلد ما تحديا أمام العديد من المؤسسات عند تحديد أسعارها فتضطر بعض المؤسسات إما إلى زيادة أسعارها أو نقص في العبوة أو إتباع العديد من الإستراتيجيات التي سيتم مناقشتها لاحقا.
- الموردون والموزعون: تلعب الأطراف المشتركة في النظام التسويقي دورا هما ومؤثرا على قدرة المؤسسة في تحديد أسعارها، فقيام الموردين برفع أسعار المواد الأولية أو الوسطاء في المساومة على رفع هامش أرباحهم يضع قيدا على قدرة المؤسسة على تحديد السعر الملائم للسوق، وقد يكون البديل في بعض الأحيان تخفيض هامش الربح التي تخطط المؤسسة للحصول عليه لتفادي وقوع أي زيادات في الأسعار أو محاولة إستخدام مواد أخرى أو قنواة توزيع بديلة تؤدي نفس الوظيفة المطلوبة.
2.3 العوامل الداخلية:
تتمثل القوى الداخلية في الأهداف ودرجة الإختلاف في السلع، فلسفة الإدارة وكذا المزيج التسويقي.
- الأهداف: إن تحديد السعر المناسب يتوقف في كثير من الأحيان على الأهداف التي يسعى التسعير إلى تحقيقها والمشاركة في تحقيق أهداف المؤسسة، فإذا كان الهدف هو زيادة الحصة التسويقية فقد يدفع المؤسسة إلى تحديد سعر منخفض لمنتجاتها، بعكس هدف تعظيم الأرباح الذي يصاحبه عادة سعر مرتفع.
- درجة الإختلاف في السلعة: كلما كانت منتجات المؤسسة متميزة ومنفردة بمزايا تختلف عن منتجات المنافسين كلما كانت أكثر حرية في تحديد أسعارها، فكثيرا ما نجد أن مؤسسة معينة تتميز بإسم تجاري معروف في السوق، ويتميز منتجها بخصائص فريدة في الأداء أو الجودة عادة ما تطلب أسعارا أعلى من منافسيها نظير هذه الخصائص بل أن شهرة المؤسسة وسمعتها في السوق وحدها قد تمكن المؤسسة من تحديد سعر مرتفع لمنتجاتها بعكس الحال في بعض المنتجات التي تعتبر نمطية ولا يوجد إختلافات بين السلع المعروضة فتقل قدرة المؤسسة عن تسعير منتجاتها أكثر من الأسعار السائدة.
- مكان السلعة في دورة حياتها: كما سبق القول، فإن دخول السلعة في مرحلة النضج أو التدهور يقيد من قدرة المؤسسة من فرض سعر معين بعكس الحال في مرحلة تقديم السلعة، وبصفة خاصة إذا إنفردت بخصائص معينة فيمكن للمؤسسة أن تكون أكثر حرية ومرونة في تحديد أسعارها.
- فلسفة الإدارة: تميل بعض المؤسسات التي تبني فلسفات خاصة بالسعر بحيث تتفق مع أهداف المؤسسة وأغراضها، فلسفة الإدارة في هذا الشأن توجه القائمين على تحديد السعر بالوجهة التي تتبناها المؤسسة، فبعض المؤسسات تميل إلى أن تكون أسعار منتجاتها منخفضة وتستخدم هذه الفلسفة في تكوين صورة ذهنية معينة لدى جماهيرها وقطاعاتها المستهدفة، وبالمثل بالنسبة للمؤسسات التي تميل أن تكون أسعارها فوق السعر السائد في السوق، وبالتالي تتعلق عملية تحديد السعر بفلسفة الإدارة في هذا الصدد.
- المزيج التسويقي: يعتبر السعر أحد العناصر الرئيسية في المزيج التسويقي، ولكن يجب عند تحديد السعر ألا ينظر إليه كعنصر مستقل بل يتم معالجته داخل إطار إستراتيجية التسويق والعناصر المكونة لها؛ فالمؤسسة حين تقرر تسعير منتجاتها بسعر مرتفع يجب أن تكون جودة السلعة مرتفعة ويصاحب ذلك جهود ترويجية مكثفة لإقناع المستهلكين بما يبرر السعر المرتفع، أو تقديمها في غلاف مناسب وإختيار منافذ التوزيع التي تسوق السلع مرتفعة الثمن.
4. أساليب التسعير (طرق التسعير):
هنالك العديد من الأساليب المستخدمة بواسطة المؤسسات كأساس لتحديد أسعارها، وتتمثل هذه الأساليب في: التسعير على أساس التكلفة والتسعير حسب الطلب، بالإضافة إلى التسعير حسب المنافسة.
1.4 التسعير على أساس التكلفة:
يعتبر التسعير على أساس التكلفة من أبسط أساليب التسعير وأكثرها شيوعا، ويتحدد السعر بواسطة هذه الطريقة عن طريق جعل سعر بيع الوحدة مساويا للتكلفة الكلية للوحدة مضافا إليها هامش الربح، وذلك كما يلي:
وهذه الطريقة تضمن أن تقوم المؤسسة بتغطية تكاليفها وتحقق في نفس الوقت الربح المرغوب، ومع ذلك فإن لهذه الطريقة عيوب أساسية منها:
- أنها تعتمد على التنبؤ بسلوك معين للتكاليف قد لا يتحقق في الواقع العملي وبصفة خاصة مع الإرتفاع المستمر في أسعار المواد الداخلة في الإنتاج وكافة عناصر التكاليف الأخرى.
- لا تأخذ هذه الطريقة جانب الطلب في الإعتبار، أي أنها تفترض أن جميع الوحدات المنتجة سيتم بيعها وهذا أيضا إفتراض غير منطقي في كثير من الحالات.
وبالرغم من العيوب المصاحبة لهذه الطريقة فإنها تعتبر مناسبة من وجهة نظر العديد من المؤسسات وبصفة خاصة في الحالات التالية:
- إذا تمكنت المؤسسة من معرفة مستوى الطلب.
- إذا كان مستوى الإستهلاك مستقر في بعض السلع وليس لديه حساسية عالية إتجاه التغيرات السعرية مثل المواد الأساسية الواسعة الإستهلاك: الخبز، الحليب ... إلخ.
- تعتبر هذه الطريقة مناسبة للمؤسسات التي تستخدم معدل العائد على الإستثمار كهدف سعري، فالمؤسسة يمكن أن تضيف هامش الربح الذي يحقق لها المعدل المطلوب.
2.4 التسعير على أساس الطلب:
يعتبر الطلب على السلعة إحدى القوى الرئيسية التي تحدد سعر السلعة، فبينما تضع التكاليف الحدود الدنيا للسعر الذي يمكن أن تقدم به السلعة، فإن مستوى الطلب يضع الحدود القصوى لما يستطيع المستهلك دفعه، وبناء على هذا فإن تحديد السعر وفقا لهذه الطريقة يعتمد على مدى إستعداد المستهلك لدفع سعر معين وإستجابته لقيمة السلعة مقارنة بالسعر.
وتعتمد هذه الطريقة على فرض أسعار عالية عندما يكون الطلب مرتفعا وأسعار منخفضة عندما يكون الطلب منخفضا، حتى ولو تساوت التكلفة في الحالتين، وهذا يعني أن أساس السعر ليس التكلفة ولكن إستجابة المستهلك لقيمة السلعة؛ ومن بين الطرق المعتمد في تقدير السعر على أساس الطلب نجد:
- الخبرة: وهي تقدير السعر بالإعتماد على خبرة مديري إدارة التسويق، إلا أنها طريقة ذاتية غير موضوعية.
- السلع البديلة: من أسهل الطرق المستخدمة في تسعير المنتجات الجديدة هي مقارنتها بالسلع البديلة والمنافسة.
- حصر المشترين وتقدير السعر الذي يستعدون لدفعه: ويمكن تطبيق هذه الطريقة على السلع الصناعية (سلع المستهلك الصناعي)، حيث عدد المشترين الصناعيين في السوق الصناعي محدود مقارنة بالمشتري في السوق الإستهلاكي.
- التحليل الإحصائي: وذلك بالرجوع إلى سجلات المؤسسة للتعرف على أرقام المبيعات والأسعار خلال السنوات السابقة، مما يمكن من التنبؤ بإتجاهات الطلب المستقبلية، ويعتمد في ذلك على عدة طرق منها (تحليل الإنحدار والإرتباط، السلاسل الزمنية، المربعات الصغرى... إلخ).
- التجارب: وذلك بطرح سلع المؤسسة بأسعار مختلفة في أسواق حقيقية للتعرف على حجم الطلب عند كل سعر.
3.4 التسعير حسب المنافسة:
تقوم المؤسسة بموجب هذه الطريقة بتحديد أسعار لمنتجاتها آخذة بعين الإعتبار الأسعار الجارية لمنتجات المنافسين أولا والتكاليف الكلية التي تم إنفاقها على منتجاتها ثانيا، وفي ظل هذه الطريقة يوجد ثلاثة بدائل متاحة يمكن للمؤسسة إختيار بديل واحد منها أو أكثر وهي:
- التسعير عند مستوى أسعار المنافسين: تقوم المؤسسة وفق هذه الطريقة بوضع سعر لمنتجاتها يقارب الأسعار المعلنة في السوق من قبل المنافسين وعادة تطبق هذه الطريقة إذا كانت المنافسة حادة في الأسواق وليس هناك إختلافات بين السلع المعروضة، وهذا يناسب السوق الذي يتميز بالمنافسة الكاملة، حيث يعلم المشتري والبائع الكثير من المعلومات عن السوق وجميع المنتجات المعروضة متشابهة إلى حد كبير ومثال ذلك: المنتجات الزراعية وبعض سلع الإستقراب كالمشروبات الغازية والألبان والحلوى والعديد من السلع النمطية.
- التسعير أقل من مستوى أسعار المنافسين: يتم إعتماد هذا البديل في حالة كون السلع المنتجة غير معروفة في السوق أو إذا كانت جودتها غير عالية.
- التسعير أعلى من مستوى أسعار المنافسين: تقوم بعض المؤسسات بتحديد أسعار أعلى من أسعار المنافسين في حالة تميز منتجاتهم ببعض الخصائص التي لا توجد في السلع الأخرى المعروضة في السوق أو إستنادا على شهرة المنتج أو الموزع أو الإسم التجاري؛ وتستخدم هذه الطريقة في حالة المؤسسات التي تتبع إستراتيجية تمايز المنتجات.