العوامل الإقتصادية التي تؤثر على المزيج التسويقي الدولي:
في هذا المقال سوف نذكر 4 جوانب نراهم مهمين من حيث أنه يمكن من خلالهما جمع كل المؤثرات والمتغيرات ذات الصلة بالجانب الإقتصادي التي تؤثر على المزيج التسويقي الدولي وهما:
1. حجم السوق:
دائماً ما إعتبر حجم السلع والخدمات المعروض في السوق الواحدة الدالة الأساسية على حجم وقوة الأسواق، فبعد إختيار الشركات من خلال إدارة التسويق الدولي للأسواق التي ترغب دخولها تقوم بتحديد مسبق للحجم الحالي والمستقبلي للأسواق المستهدفة، وهذا من خلال حجم المبيعات المحتمل، فهذا من شأنه مساعدة الشركات على تخصيص مواردها بشكل عقلاني وتحديد أي الأسواق أكثر جاذبية.
ومن أهم العوامل التي من شأنها تسهيل وصف السوق الواحدة هي حجم السكان، نموهم وتوزيعهم يعتمد الطلب على السلع أو الخدمات على حجم السكان، فإذا كان مرتفعا كان الطلب كبيرا والعكس صحيح، ويجب أن نفرق بين عدد السكان وعدد المستهلكين المحتملين.
فعلى الأرجح كلما كان عدد السكان في سوق معين مرتفعاً كلما زادت فرص النجاح للشركة الراغبة في دخوله. كما تولي إدارة التسويق الدولي أهمية كبيرة ليس فقط لحجم السكان ولكن أيضا لمدى نمو معدله، حيث نجد أنه على مستوى الشركات عديد القرارات التسويقية التي تظهر أثارها مستقبلا بنيت على أساس معدل نمو السكان.
وفي هذا لابد من الإشارة إلى أهمية النظر لعامل نمو السكان من جانبين فقد تؤدي إرتفاع معدلات نمو السكان إلى الزيادة في الطلب على السلع أو الخدمات، كما قد تقود إلى نتائج عكسية من خلال إمكانية عرقلتها لمخططات الحكومة للتنمية الإقتصادية وهذا ما قد يضعف مستوى الدخل الفردي لذا تصبح هذه السوق المستهدفة أقل جاذبية.
هناك عامل جدير بالإهتمام أيضا وهو توزيع السكان حسب خصائص مختلفة كالجنس والعمر والمستوى التعليمي وغير ذلك، وهذا من شأنه أن يساعد الشركة على عقلنة سياستها الإنتاجية. كما يجب على المسوق الدولي معرفة الكثافة السكانية وتوزيعهم، أي معرفة مدى تركزهم أو تشتتهم داخل البلد لأن ذلك يساعد على ترشيد السياسة التوزيعية للشركة.
2. الدخل (متوسطه وتوزيعه):
يعتبر عامل الدخل من أكثر المؤشرات شيوعاً للحكم على مدى جاذبية سوق ما من عدمه، فالدخل المرتفع مدلوله إحتمال وجود فرص تصديرية مربحة بالنسبة للشركة ومنه إحتمال بيع كميات كبيرة من إنتاجها والعكس صحيح في حالة إنخفاض الدخل.
كما يجب على إدارة التسويق الدولي التعمق في مقاربة معيار الدخل من خلال التعرف على مدى وجود عدالة في توزيعه بين السكان، حيث قد نجد على مستوى بعض الدول النامية على غرار المكسيك، البرازيل وبعض الدول العربية عدم وجود عدالة في توزيعه عندما نجد أن 80% من السكان لديهم 20% فقط من الدخل القومي بينما 20% من السكان يستحوذون على 80% من الدخل القومي.
وكذلك الحال بالنسبة لمتوسط الدخل الذي تعطيه الشركة إهتماماً خاصاً عند دراستها للمؤثرات البيئية وذلك لعلاقته المباشرة بمقدار ما سينفقه المستهلك من دخله على السلع أو الخدمات المتاحة في السوق، وهذا من شأنه مساعدة الشركة على معرفة حجم ونوعية الأسواق المرغوب في دخولها، فمتوسط دخل الفرد نجده يتباين من بلد لآخر.
حيث على سبيل المثال النرويج، سويسرا وغيرها من الدول الأوروبية، الولايات المتحدة وبعض الدول النفطية تتميز بإرتفاع متوسط دخل الفرد عكس الدول الإفريقية وبعض الدول العربية غير النفطية، وهذا ما ينعكس مباشرة على حجم ونوع الطلب بالإيجاب أو السلب.
كما يجب على المسوق الدولي أن يعطي إهتماما كبيرا لمؤشر مجموع الدخل القومي في وصف بيئة السوق المستهدفة، ويعتبر هذا المؤشر أفضل من متوسط الدخل الفردي لأنه يمد الشركة بفكرة كلية حول طبيعة وحجم السلع والخدمات المنتجة فعلاً في الدولة المراد التعامل معها وهذا ما يساعد في الحكم على مدى جاذبية السوق المستهدفة من عدمه.
3. التركيبة الإقتصادية للدولة:
توجد عوامل إقتصادية أخرى لا تقل أهمية عن ما سبق ذكره من عوامل من حيث مدى تأثيرها على أعمال الشركة، ومن هذه العوامل ما يلي:
1. توافر الموارد: المقصود هنا ما يمكن أن تتوفر عليه الدول من نفط وأتربة ومعادن ومياه وغيرها من المواد الحيوية الأخرى، حيث توافر مثل هذه المواد في دولة ما قد يكون عامل محفز على جذب الإستثمارات الخارجية التي من شأنها إنعاش الحياة الإقتصادية فيه.
وإلى جانب عامل توافر المواد الأولية توجد عوامل طبوغرافية المتمثلة في الجبال، الغابات، الأنهار، التلال وغيرها كثير، وأخرى مناخية وجوية المرتبطة بالحرارة والأمطار والثلوج والرياح، كلها تسهم في وصف البيئة الإقتصادية لسوق البلد المستهدف.
فمثل هذه العوامل تجعل مسؤول التسويق الدولي للشركة يفكر في كيفية أقلمة منتجات شركته مع المتغيرات المتاحة، وهذا ما نلاحظه على مستوى عديد القطاعات ومنها قطاع صناعة السيارات، فمثلا تصمم محركات السيارات للمناطق الباردة بطريقة مختلف عن تلك الموجهة للمناطق الحارة، ونفس الشيء بالنسبة لأجهزة التبريد والتدفئة.
2. طبيعة النشاط الإقتصادي: من الأهمية بمكان بالنسبة للشركة الراغبة في دخول الأسواق الخارجية التعرف على مدى وجود فروقات بين الدول فيما يخص طبيعة الأنشطة الإقتصادية المقدمة، فحسب روستو قد تكون المجتمعات بدائية، وينطبق الأمر على بعض الدول الأفريقية والأسيوية، ولو على قلتها، والتي لا تقدر على الإنتاج وزيادة الإنتاجية وإستخدام التكنولوجيا فيها يكون شبه منعدم.
وقد تكون المجتعات في مرحلة الإنطلاق وصلت إلى حد تحقيق نمواً إقتصادياً وتطور ثابت، كما توجد مجتمعات هي في مرحلة البداية نحو النضوج والتوسع بإستمرار نحو إستخدام التكنولوجيا على نطاق واسع.
مجتمعات أخرى تصنف من ذوات حجم إستهلاك كبير يزيد فيها إستهلاك السلع والخدمات ويزيد دخل الفرد وتزداد معه نسبة الأفراد ذوي الدخل المرتفع، فكل هذه المجتمعات ينظر إليها من حيث ما تتيحه من فرص تسويقية، فما يتوافر في كل مجتمع من نشاط إقتصادي يجذب أو ينفر المستثمرين من الدخول للأسواق التصديرية.
3. التجارة بين الأمم: التجارب الإقتصادية على مرور الوقت بينت أنه لا يوجد أي مجتمع يستطيع أن يوفر لأفراده كل ما يحتاجونه من سلع وخدمات، وعليه فإن توفير السلع والخدمات مسألة غير قابلة للجدل، فالسلع والخدمات لها دورها الفاعل في تحسين الظروف المعيشية للأفراد، وإسترادها من الخارج قد يكون بسبب عجز في الإنتاج على المستوى المحلي وذلك لأسباب عديدة وهي مرتبطة كلها بالجانب الإقتصادي.
وسياسة الإستراد تختلف من بلد لآخر وهذا يعتمد أساساً على ظروف التجارة الخارجية القائمة، حيث نجد كل دولة تعمل جاهدة على عقلنة وارداتها لما لها من أثار مباشرة على ميزانها التجاري، فعملية الزيادة أو النقص في الواردات يجب أن تمر على عاملين أساسيين مرتبطين أصلا بالجانب الإقتصادي: حجم الإنتاج من السلع والخدمات في البلد الواحد خلال فترة زمنية محدودة (ستة أشهر/سنة).
فكلما كان حجم الإنتاج من السلع والخدمات كافيا كلما أدى إلى الحد من الإستراد والعكس صحيح في بعض الأحيان، الموارد المالية المتوفرة تدفع ببعض الدول إلى الزيادة في وارداتها، وهذا قد يكون لأسباب صناعية أو أستهلاكية، من المهم إذن بالنسبة للأمم أن تقارب التجارة الدولية من زاوية إقتصادية بحتة وما يتوافر لكل بلد من إمكانات وقدرات إقتصادية يمكنه من التعامل مع الدول الأخرى على أساس المصلحة المشتركة.
4. صفات أخرى إقتصادية:
هناك مجموعة أخرى من العوامل الإقتصادية تساهم في تشكيل البيئة الإقتصادية بشكل عام يمكن إيجازها في الآتي:
- دور الحكومة: المقصود هو الدور الذي تلعبه الدولة في إدارة الاقتصاد القومي ومدى درجة تدخلها في الإقتصاد من أجل مراقبة الأسعار وتحديد سعر الفائدة وتحديد سعر صرف العملات الأجنبية وتنظيم المنافسة وفرض الرقابة على الدخول في لمجالات أعمال معينة، فكل هذا من شأنه جعل السوق المستهدفة أقل أو أكثر جاذبية للشركة الراغبة في دخولها.
- البنية التحتية الأساسية: من الأهمية بمكان التعرف على الخدمات والتسهيلات المقدمة في الأسواق المستهدفة ومدى طبيعتها ونوعيتها، فالتسويق الدولي يعتمد على الخدمات المتوفرة في السوق المحلية كالنقل عبر الطرقات أو بالسكك الحديدية أو عبر الموانئ البحرية، وشبكات الاتصال ومصادر الطاقة وغيرها، كل هذه الأمور من شأنها دعم الإنتاج والتسويق بالنسبة للشركة الراغبة في الدخول إلى هذه الأسواق.
- التكتلات الإقتصادية: المقصود بالتكتلات الإقتصادية إتحادا تعاونيا ما بين دولتين أو أكثر بحيث تنجم عنه وحدات إقتصادية أكبر، والتكتلات الإقتصادية بين الدول قد تأخذ عدة أشكال منها، مناطق التجارة الحرة، الإتحاد الجمركي، السوق العام، الإتحاد الإقتصادي والإندماج الإقتصادي الكامل، مثل هذه الترتيبات لتوحيد الروابط الإقتصادية بين الدول لها عدة فوائد منها إتساع السوق وإرتفاع معدلات النمو الإقتصادي للدول الأعضاء فضلاً عن بساطة شروط التبادل التجاري، فكل هذا من شأنه أن يجعل أسواق الدول الأعضاء في التكتل أكثر جاذبية للاستثمارات الخارجية.
- التضخم النقدي والبطالة: إن التضخم النقدي وما ينجر عنه من إرتفاع في الأسعار أي إنهيار القدرة الشرائية للفرد ونقص عرض السلع والخدمات من شأنه أن ينعكس سلبا على طلب السلع والخدمات المعروضة أو المنوي تصديرها إلى الأسواق الخارجية.